القائمة الرئيسية

الصفحات

مبادئ تربية الطفل عند روسو و جون ديوي وتطور رياض الأطفال إلى الوقت الحالى

 

مبادئ تربية الطفل عند روسو و جون ديوي وتطور رياض الأطفال إلى الوقت الحالى

مبادئ تربية الطفل عند روسو و جون ديوي وتطور رياض الأطفال إلى الوقت الحالى


المقدمة:

بدأت التربيه بسيطة وبدائية في المجتمعات البشرية القديمة سواء في وسائلها أو أهدافها، فكان الغرض الأول للتربية هو المحافظة على الحياة والخبرات والتقاليد السائدة في هذه المجتمعات، مثل؛ تربية الفرد على الحصول على أهم ضروريات الحياة من مأكل ومأوى وملبس، وتربيته على مجموعة من التقاليد والموروثات الدينية اللازمة كي يحيا منسجمًا متوافقًا بين أفراد مجتمعه، ومع تكاثر الجنس البشري وزيادة حاجاته اليومية، وتعقيد شؤونه الحياتية ظهرت في العصور القديمه وحضاراتها أساليب تربوية مختلفة ومتباينة وفق المجتمعات البشرية السائدة فيها. وتميز الفكر التربوي الغربي بتجدده وقدرته على الابتكار واستيعاب كلّ ما هو جديد، وفتح مجال واسع أمام الحرية الفرديه، وكان هدف التربية الغربية هو أن يصل الفرد إلى أقصى درجات سعادته ويحقق كماله الجسمي والعقلي، إذ إن الإغريق هم أول من أخذ التربية من اتجاهات فلسفية، وحظيت التربية باهتمام أكبر الفلاسفة في أثينا، وبالمقابل فإن التربية عند الرومان تأثرت كثيرًا بالدين، فكانت تربية مادية علمية نفعية الغاية منها خلق فرد بمهارات عسكريه وقتالية وقدرة على آداء الشؤون الحياتية العلمية. وتميزت التربية في العصور الحديثة باستقرار النظريات التربوية على أفكار واضحة تجمع بين الفلسفة و البيداغوجيا وذلك للجهود الجبارة التي بذلها الفلاسفة والمفكرون في القرنين السابع عشر والثامن عشر،فشكلت في القرن التاسع عشر النزعة العلمية كامتداد للحركة الواقعية و النزعة النفسية كامتداد للحركة الطبيعية،كما تشكلت في القرن العشرين النظريات التربوية الحديثة وعلى رأسها النظريات البرجماتية التي نقلت الريادة التربوية من أوربا إلى أمريكا، وهي النظرية التي يمكن اعتبارها التتويج النهائي في القرن العشرين لكل الجهود التي سبقتها على طريق إعطاء معنى أوضح لسيطرة الفلسفة المادية في تفسير حياة الإنسان ، و هيمنة المنهج العلمي، ليس فقط على العلوم ذات الصلة الإنسانية التي ظلت لوقت طويل بعيدة عن هذا المنهج.

انتشرت أغلب النظريات التربوية في العصر الحديث بالولايات المتحدة الأمريكية؛ إذ ظهر فيها العديد من العلماء الذين طوروا نماذج في مجال التربيه، أهمهم إبراهام ماسلو، وهارمان، وهي في حقيقتها تصب في تيار روحاني تربوي، واليوم تحتل التربية مكانًا هامًا أكثر من أي عهد أو عصر مر به الفكر التربوي؛ وذلك لتعقيد حياة البشر وتداخل الأفكار والمعطيات التي تجري من حولهم، وأهم ما يميز التربيه المعاصره وتطورها أنها ركّزت على الفرد أو الإنسان المتعلم، وأصبح هو محور العملية التربوية، ولم تحتل التربية مكانة في أي عهد من العهود كما تحتله اليوم، وإن الاهتمام بالتربية والعملية التربويه قد زاد في العصر الحاضر، ونتيجة لذلك فقد تميزت التربية في العصر الحديث عن غيرها بأنها متقدمة على التعليم.

عناصر الموضوع:

  1. ملامح التربية فى العصور الحديثة وأهم نظرياتها.
  2. مجالات التربية فى العصر الحديث.
  3. أراء روسو فى تربية الطفل.
  4. اراء ديوي فى تربية الطفل.
  5. أهمية دراسة تاريخ التربية.
  6. الخاتمة.
  7. المراجع.


مجالات التربية فى العصر الحديث:


عُرفت التربية منذ أن وجد الإنسان على هذه البسيطة باختلاف كبير في أساليبها ومدى معرفه الإنسان بها عبر العصور وتتابع الأجيال، فبدأت التربية مع الإنسان بأبسط صورة، فكان يتفاعل مع بيئته المحيطة به ويحاكي نظامها البيئي ليضمن بقاءه واستمراره، فكانت الصوره الأوضح للتربية آنذاك تظهر مباشرة في تقليد الابن لأبيه في أفعاله وحركاته، وكذلك تقليد الفتاة لأمها في أعمالها ولباسها وكافة تصرفاتها، فظهرت علاقات اجتماعية بسيطة ومباشرة بين الناس، فبينما الإنسان هو الكائن الوحيد المفكر والقادر على التعلم والتطور والتجدد كان دائم البحث عن حياه أفضل وسبل عيش رغيد قدر الإمكان وبكل السبل المتاحة لديه، وهذه باختصار أساس نشأه التربية في المجتمعات الإنسانية منذ القدم.

 تعددت مفاهيم التربية كونها كلمه ذات مدلولات واسعة، إلا أن تعريفاتها المتعددة تكمل بعضها البعض لتغطي كافة جوانب التربية، وللتربية معنى لغوي وآخر اصطلاحي هما كالآتي:

التربية في اللغة: تأتي كلمة التربية من ثلاثة أصول لغوية هي: ربا، يربو التي تعني الزيادة والنمو، ومن الأصل ربا يربي أي نشأ وترعرع، أما الأصل الثالث فهو ربٍّ، يربُّ أي الإصلاح والتهذيب وتولي الأمر، وعليه فإن مفهوم التربية في اللغة يضم المعاني الآتيه: الزيادة، والنمو والنشأة، والترعرع، والتهذيب، وقد أوضح الإمام البيضاوي رحمه الله أن الرب في الأصل تعني التربية وهي تبليغ الشيء كي يبلغ تمامه وكماله شيئًا فشيئًا، ويمكن استنباط نتائج أساسية لمفهوم التربيه اللغوي؛ منها أن التربية عملية لها هدف وغاية محددة، وأن التربية تتطلب وضع خطط متدرجة ومنتظمة لبلوغ الإنسان الهدف والغاية منها وفق أطوار حياته المختلفة.

التربية في الاصطلاح: تتعدد التعريفات الاصطلاحيه للتربية وفق المنطلقات الفلسفية التي تحكم المجتمعات، إذ إن لكلّ مجتمع فلسفته الخاصة التي تنبع من ثقافته وعاداته واتجاهاته، ومن أبرز التعريفات الاصطلاحية للتربيه التعريفات التاليه: عرفها عالم النفس هنري جولي على أنها مجموعة الجهود المبذولة بهدف تمكين الفرد من امتلاكه الكامل لمختلف ملكاته وقدراته وحسن استخدامها، وفي المنظور الإسلامي فالتربية تعني منظومة متكاملة ومترابطة من القيم والمفاهيم التي تندرج تحت إطار فكري يخضع للشرع الإسلامي الحكيم حول الكون والإنسان، وعليه فإنه من الممكن استخلاص تعريف للتربيه على أنها عملية تشكيل وإعداد للفرد والرقي به نحو إنسانيته في مجتمع ما؛ لأن التربية هي الطريقة الأهم في نقل الفرد من كونه فرد بيولوجي في المجتمع إلى إنسان يشعر بالانتماء والولاء لمجتمعه الذي يحكمه مجموعة قيم ومبادئ وأهداف ومصير مشترك، فتوجه التربية طاقات أفراد المجتمع نحو النمو وتحقيق الغايات والأهداف المرجوه منها بكافة الطرائق والسبل من خلال عدة مؤسسات مجتمعية مثل الأسرة والمدرسة والمؤسسات التربويه الأخرى. وانتشرت أغلب النظريات التربوية في العصر الحديث بالولايات المتحدة الأمريكية؛ إذ ظهر فيها العديد من العلماء الذين طوروا نماذج في مجال التربيه، أهمهم إبراهام ماسلو، وهارمان، وهي في حقيقتها تصب في تيار روحاني تربوي، واليوم تحتل التربية مكانًا هامًا أكثر من أي عهد أو عصر مر به الفكر التربوي؛ وذلك لتعقيد حياة البشر وتداخل الأفكار والمعطيات التي تجري من حولهم، وأهم ما يميز التربيه المعاصره وتطورها أنها ركّزت على الفرد أو الإنسان المتعلم، وأصبح هو محور العملية التربوية، ولم تحتل التربية مكانة في أي عهد من العهود كما تحتله اليوم، وإن الاهتمام بالتربية والعملية التربويه قد زاد في العصر الحاضر.

 

أراء روسو فى تربية الطفل:

 

لقد أكد روسو في كتابه آنف الذكر، على أن التربية الحديثة المنتِجة إنما تكون بالممارسة، وليست بتلقين الطفل، والطالب عموماً، بمعلومات نظرية قد لا يعلم معناها، مثل ما هو مطالب بحفظها وتأديتها يوم الامتحان. هنا نلحظ كيف يركز روسو، كما هم فلاسفة التنوير الآخرون ممن اهتموا بهذا الجانب، على انتقاد آلية التلقين والحفظ، سواء في التربية أم في التعليم، بوصفها آلية لا تنتج إلا أفراداً على هيئة ببغاوات تردد ما تلقنه، وتعادي ما لم تلقنه.

من جانب آخر، ركز روسو على أهمية التفاعل الإيجابي مع حوادث الطبيعة في تربية الطفل على التعلم من أخطائه، ومما يحصل له في الحياة من سقم وأخطاء وتعاسة، ثم الانطلاق منها نحو تشكيل شخصية شجاعة غير هيابة، شخصية ليست حساسة، أو متهاودة تجاه حوادث الطبيعة والاجتماع. ومن أجل ذلك، يحذر روسو من إشعار الطفل عندما يحصل له حادث ما: طبيعياً كان أم اجتماعياً، بالتعاطف الزائد معه، إذ سيضيف ذلك إلى شخصيته ضعفاً وتردداً وجبناً. وبدلاً من التعاطف، وخاصة التعاطف الزائد، يجب أن يُشعر الطفل بأن ما حصل له شيء طبيعي لا بد وأن يحصل لأي إنسان في حياته، وستحصل له حوادث مثلها، أو مختلفة عنها، في الغد، أو بعد الغد، أو في قادم الأيام مادام يعيش في هذه الدنيا؛ وأن عليه أن يتعلم منها لكي يتغلب عليها وعلى آثارها، ويتعلم كيف يقاومها ومثيلاتها. وعلى ذلك، يلفت روسو المربين والوالدين إلى أهمية تربية الطفل على مجابهة الآلام التي قد تحيط به جراء مناظر الرعب مثلاً، أو إصابته هو شخصياً ببعض الآلام.

يجب علينا أن ندع الطفل يتألم مما يصيبه، مما لا يُعرِّض حياته للخطر، كآلام الجروح السطحية، وكآلام السقوط العادي غير المؤثر بكسور، ونحوها. ذلك أن إظهار الهلع والقلق مما أصابه، والتعاطف معه، سيصيبه مستقبلاً بالخوف الذي يجعله غير هياب ولا شجاع. وإن التصرف الأفضل، وفقا لروسو، هو أن لا تُظهر، كوالد أو مرب، قلقك وخوفك عليه، أو الإيحاء إليه بأنه في وضع سيئ، أو أنه مصاب، فذلك يجعل(لا وعيه) يكتنز بالخوف من أبسط الأشياء. وعلى الوالدين والمربين أن يتظاهروا بأنهم لم يهتموا بما حصل له، وأن ما حصل له شيء طبيعي جداً. فالتعلم من الآلام سيجعله شجاعاً محتملاً للآلام التي تصيبه مستقبلاً. وعكس ذلك، سيجعله عندما يكبر ويصير شاباً ثم رجلاً، وعديد جباناً يتوهم الموت بمجرد أن تسيل قطرة دم منه، أو جراء وخزة إبرة تصيبه، كما قد يغمى عليه بمجرد أن يرى حادثاً أمامه! ويؤكد روسو على أن مثل هذا النهج في التعامل مع الطفل، سيعزز قدراته النفسية في مواجهة مصاعب الحياة مستقبلاً.

ويلفت روسو، من جهة أخرى، انتباه المربين والوالدين إلى أنهم قد يتسببون في تنشئة شخصيات عدوانية من جهة، وفاقدة للثقة بنفسها من جهة أخرى. ويكون ذلك من خلال الاستجابة لجميع مطالب الطفل، تلك الاستجابة التي تجعله يشعر بأن الجميع خدم له وعبيد، وأن بإمكانه تحقيق أي شيء يطلبه. وعندما يطلب شيئاً ثم لا يتحقق لأي سبب من الأسباب، فإنه سيلجأ إلى إساءة الظن بجميع من حوله، وبالشعور بالظلم واقعاً عليه. ونتيجة لشعوره سابقاً بأنه يستطيع الحصول على كل شيء، وأنه الآن يمنع من أشياء معينة يطلبها، فإنه لا يستطيع أن يتفهم دوافع منعه منها، أو عدم قدرة من حوله على توفيرها له، وسيتولد لديه بالتالي شعور معاكس، وهو أنه لا يستطيع الحصول على كل ما يطلبه، فيتحول طبعه إلى التسلط الناتج من عدم الثقة بالنفس. ووفقاً لروسو، فإن من مظاهر التسلط وعدم الثقة بالنفس عند الطفل، نتيجة لوقوعه بين شعورين متعاكسين، بكاءه عندما يلح على طلب شيء يمنع منه. لذا يرى روسو أن من الأفضل تجاهل بكاء الطفل وإلحاحه مادام الأمر الذي يطلبه يتعلق بنزوة من نزواته، وليس بشيء من حاجاته الأساسية.

لا تركز فلسفة روسو في مجال التعليم على التقنيات الخاصة بنقل المعلومات والمفاهيم، ولكنها تركز على تطوير شخصية التلميذ وإحساسه الأخلاقي، وذلك ليتسنى له تعلم التمكن من الذات والبقاء فاضلاً حتى في المجتمع غير الطبيعي والناقص الذي اجبر إلى العيش فيه. ينشأ الصبي المُفترض إميل في الريف، والذي يعتقد روسو أنه بيئة طبيعية وصحية أكثر من المدينة، ويعيش تحت وصاية معلم يرشده خلال تجارب تعليمية مختلفة يرتبها المعلم بنفسه. نسمي اليوم هذا بالأسلوب التأديبي للعواقب الطبيعية. شعر روسو أن الأطفال يتعلمون الصواب والخطأ من خلال تجربة عواقب أفعالهم بدلًا من العقاب البدني. يتأكد المعلم من عدم تعرض إميل لأي ضرر خلال تجاربه التعليمية.

تنبأت بعض أفكاره بالأفكار الحديثة بطرق عديدة ولم يفعل ذلك بعضها الآخر، إذ آمن روسو بالتفوق الأخلاقي للعائلة الأبوية على النموذج الروماني العتيق. تربّت صوفي المرأة الشابة التي قُدِّر لإميل الزواج بها باعتبارها رمزًا للأنوثة المثالية على أن يحكمها زوجها، بينما تربّى إميل باعتباره رمزًا عن الرجل المثالي ليكون سيد نفسه. هذه ليست سمة عرضية لفلسفة روسو التربوية والسياسية، ولكنها ضرورية لمقداره من التمييز بين العلاقات الخاصة والعلاقات الشخصية والعالم العام للعلاقات السياسية.

 

أراء ديوي فى تربية الطفل:

 

أن ديوي قد أكد على اتجاهات جديدة في التربية شكلت نسقاً متكاملاً، أو ما يمكن تسميته ب(نظرية الفلسفة التربوية )، والتي عرفت باسم ( الفلسفة البراجماتية التربوية )، وفيما يلي أبرز ملامح نظريته التربوية مستقاة من الأدبيات العديدة في الإنجليزية والعربية :

التربية في نظر ديوي ظاهرة طبيعية في الجنس البشري، تتم بطريقة لاشعورية منذ الولادة بحكم وجود الفرد في المجتمع، وهي عملية مستمرة ومتطورة، كما أنها ليست مجرد إعداد لحياة مستقبلية بل هي الحياة ذاتها وعملية من عملياتها، أي لابد أن تكون حياة الجماعة المدرسية – من وجهة نظره –حياة حقيقية يتم فيها الحصول على الخبرة مباشرة، وأن تشبه في واقعيتها حياة الطفل في البيت أو البيئة التي يعيشها.

التربية في رأي (ديوي)نفسية واجتماعية معا: نفسية تعتمد في مبادئها على فهم نفسية الطفل واستعداده، واجتماعية تهيئ الطفل ليكون عضواً صالحاً في المجتمع الذي يعيش فيه.

هدف التربية عند (ديوي) إكساب الفرد عادات ومهارات واتجاهات تناسب المجتمع الذي يعيش فيه من ناحية، والعمل على رفاهيته من ناحية أخرى، ومساعدته على الاستمرار في التعلم والنمو، وتربية ذاته، وتكيفه مع بيئته من ناحية ثالثة.

و تتميز التربية عند جون ديوي بأنها تهتم بالطفل ككل من النواحي الجسمية و العقلية و الخلقية و الاجتماعية، كما تعمل جاهدة على توفير كل الفرص الممكنة التي تشبع حاجات الطفل للنمو، و تمكنه من التعبير عن ذاته.

وبأنها تؤمن بأن التعليم يكون أكثر فعالية عن طريق العمل، و لذلك فإنه يسمي المدرسة بمدرسة النشاط، النشاط من جانب المتعلم و ممارسة ما يتعلمه و تطبيقه عمليا، و يسمي هذا الأسلوب منهج الخبرة.

ينتقد (ديوي ) بشدة المفهوم التقليدي للمناهج الذي يقوم على تقسيم المنهج إلى مواد منفصلة مرتبة ترتيباً منطقياً لا يتفق مع عقلية التلاميذ الصغار، وليس المركز الحقيقي للمنهج -في نظره – هي المواد الدراسية المنفصلة المستقلة بعضها عن بعض، بل مركزه الحقيقي هي نشاطات الطفل الذاتية وخبراته. أما الطريقة المتبعة في تنظيم خبرات المنهج وتدريسها فهي طريقة المشروع حيث يستطيع التلميذ اكتساب كثير من الحقائق والخبرات والمهارات.

يرى (ديوي ) بأنه لابد أن يتعاون في وضع المنهج كل من له اهتمام بالمناهج الدراسية، والمنهج المقترح يجب أن يكون مرناً و هادفاً و قابلاً للتغيير وليس مجرد تنظيم معرفي جامد، ويرمي إلى إعطاء الطلاب أكبر عدد ممكن من البدائل لحل المشكلات التي قد تعترض طريقهم في الحياة.

عارض(ديوي) النظم التقليدية في التربية التي تجعل الطالب مجرد آلة يستقبل المعلومات، ويحفظها دون أن يكون له أي نشاط أو فاعلية، ومن هنا دعا إلى طريقة المشروع التي تجمع بين النشاط البدني والعقلي والاجتماعي للطالب وتساعده على التعلم، وفيها يكون منطقياً معتمداً على نفسه، متعاوناً مع غيره، مبتكراً. ولقد اختار ديوي لهذه الطريقة خمس مراحل هي الشعور بالمشكلة ثم معرفة موضوع المشكلة وتحديدها عن طريق الملاحظة والمشاهدة، يلي ذلك فرض الفروض أو الحلول، وبعدها اختبار الفروض أو الحلول، وأخيراً تطبيق الحلول. فديوي يؤمن بأهمية البحث والاستقصاء وخير طريقة للبحث هي الطريقة العلمية، ومعنى هذا أن تتحول المدارس إلى مؤسسات يتعلم منها التلاميذ كيف يقومون باستقصاءاتهم وبحوثهم لا أن يقبلوا نتائج أبحاث الغير.

وطريقة المشروع “project method” يقصد بها أن يقوم المتعلمون باختيار موضوع واحد ودراسته من عدة جوانب كأن يذهب المتعلمون إلى مزرعة وفيها يتعلمون كيفية الزراعة ويستمعون إلى تاريخ الزراعة في تلك المنطقة ويتعاون كل فرد من المجموعة بعمل جزء من المشروع. وفي عملية تنفيذ المشروع يقوم الطالب بجمع البيانات المطلوبة من المكتبة أو مقابلة الأساتذة. ومن أهم سمات طريقة المشروع كنشاط شامل أن المتعلم عادة سيتفاعل معه لأنه قد يكون شارك في اختيار الموضوع. فطريقة المشروع تشبع حاجة المتعلم النفسية لأنها تراعي الفروق الفردية، وتدفعه إلى التعلم الجماعي، وتحرره من قيود الكتاب المدرسي.

لم يوضح ديوي تفاصيل طريقة المشروع في التدريس ولكن تلميذه كلباترك قام بوضع التفاصيل ومن أهم خطوات طريقة المشروع للفرد أو للمجموعة:

  1.  وجود الغرض.
  2.  رسم الخطة.
  3.  تنفيذ الخطة.
  4.  تقويم الخطة

ومن أهم ما تتميز به طريقة المشروع هو اهتمامها بوضع ميول التلاميذ ونشاطهم في المرتبة الأولى، ووضع المعلومات والحقائق في المرتبة الثانية والنظر إليها على أنها وسيلة وليست غاية في حد ذاتها.

ومن الطرق التي يوصي (ديوي) المدارس باتباعها في تنظيم خبرات التلاميذ وفي التدريس طريقة حل المشاكل وهي تقوم على المبدأ القائل: أن التعلم الجيد يقوم على وجود مشكلة تهم التلميذ وتتصل بحياته وحاجاته: فتحفزه إلى القيام بنشاط، بغية الوصول إلى حل لهذه المشكلة، وقد يكون هذا النشاط عشوائياً، وقد يكون قائماً على التوجيه وهو نشاط عقلي منظم يسير وفق الخطوات الخمس التي ذكرها ديوي في مقاله: كيف نفكر وكيف نحل المشاكل .

يرى ديوي أن أسلوب المحاضرة من الطرائق القاصرة في التعليم ومنافعها محدودة لأنها لا تتيح الفرصة للمتعلم كي يستكشف الواقع، ويجمع المعلومات، ويقيس الأمور، ويبحث عن الحلول. لهذا فإن أسلوب السعي في حل المشكلات القائم على حرية المتعلم أكثر إيجابية وخير من الدروس التقليدية القائمة على محاضرات المعلم التلقينية. وهكذا فإن جون ديوي لا يتفق مع طريقة جون فريدريك هربارت في توصيل المعلومات عبر خطوات منهجية في عرض الدرس لأن الطالب سيكون سلبيا فالمعلومات تأتي إليه في الفصل ولا ينجذب إليها.

يرى (ديوي) أن الديمقراطية في الحقل التربوي تعني ممارسات اجتماعية تؤكد قيمة الفرد وكرامته، وتجسد شخصيته الإنسانية، وتقوم على أساس مشاركة أعضاء الأسرة والجماعات في إدارة شؤونها ديمقراطياً.

ويرى ديوي أن أهم وظائف المدرسة هي:

-تبسيط وترتيب عناصر ميول الطفل التي يراد إنماؤها.

-تطهير المتعلم من العادات الاجتماعية المذمومة وتهذيبه.

-تحقيق الانفتاح المتوازن للناشئين كي يعيشوا في بيئة مصغرة فيها مشاركة وتآلف وتكاتف.

فالمدرسة عند ديوي بيئة ديمقراطية تسعى لإيجاد المواطن الديمقراطي والتربية عملية دائمة للفرد ليساهم في بناء المجتمع مع مراعاة الفروق الفردية في التدريس ووضع المنهج الدراسي

يرى أن المعلم موجود في المدرسة كعضو في جماعة ليساعد تلاميذه في اختيار الخبرات المثيرة لدوافعهم وإطلاق طاقاتهم وظهور قدراتهم وتنظيم استجاباتهم لتلك المثيرات والمؤثرات، وليس لفرض سلطته وآرائه عليهم أو لجعلهم يعتادون عادات معينة يريدها. فالمعلم بما له من خبرة أوسع ومعرفة أكبر وحكمة أنضج، يمكنه مساعدة الذين يقوم بتربيتهم وتعليمهم في كيفية فهم الحياة الاجتماعية من حولهم، والاستفادة من المعرفة والخبرات التي يحصلون عليها في تطوير أنفسهم وحل مشكلاتهم وتقدم مجتمعاتهم.

أكد ديوي أهمية جعل الطالب مركز العملية التربوية بجعل الطرق والمناهج تدور حوله بدلاً من جعله يدور حول مناهج وطرق وضعت في عزلة عنه. كما ذهب ديوي إلى أن محتويات المنهج ليست مهمة بقدر أهمية الطريقة التي يعالج بها المعلم هذه المحتويات، ومن ثم دعا المدرس إلى عدم التقيد بطريقة من الطرق، بل يختار الطريقة المناسبة التي تلائم درسه، ومستوى تلاميذه, وظروفهم النفسية.

كما يؤكد على مبدأ ضرورة مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب وضرورة مراعاة ميولهم ودوافعهم الطبيعية وحسن استثمارها في العملية التربوية، وواجب المدرس تنظيم وتوجيه هذه الميول والدوافع وفق خطة مرسومة لتحقيق أهداف تربوية مرغوب فيها.


أهمية دراسة تاريخ التربية:


تأتي أهميه دراسة التاريخ التربوي في إلقاء الضوء على العديد من التجارب الإنسانية وخبراتها عبر العصور والأزمنة السابقة، ويكشف لنا أهداف الشعوب السابقة ومثلها العليا وآمالها، ويوضح لنا اختلاف الممارسات التربوية بحسب اختلاف اتجاهاتها وفلسفته، إذ إن دراسة البعد التاريخي للتربيه يتمثل في أهميّة المعرفة للمستقبل، ولا شك أن الخبرات تزداد وتتطور تطورًا كبيرًا من خلال الممارسات التربوية، وتكشف العلاقة بينه وبين الجوانب الأخرى في تاريخ الحضارات؛ كالجوانب السياسيه والاقتصادية والعسكرية، وأيضًا إبراز الاتجاهات التربوية ضمن إطارها الثقافي وزياده وعينا وبصيرتنا بهذه الاتجاهات فكرًا وتطبيقًا، مما يساعدنا على تفسيرها وفهمها فهما سليمًا.

وتعد دراسة تاريخ التربيه هي الطريق والوسيلة المثلى لكي نفهم في العصر الوقت الحاليين بصورة عميقة وواضحة؛ وذلك لأن دراسة تاريخ التربية في واقع الأمر هو عبارة عن دراسة لتاريخ الحضارة ككل، إذ إن النظم التربويه لأي مجتمع كان هو الشاهد الوحيد على مدى ما وصل إليه من الحضارة والتقدم، لذلك نؤكد دائمًا ونعترف أنه لا أمل ولا مستقبل في أمة قطعت صلتها بجذورها؛ وذلك لأن النمو والارتفاع إلى أعلى يتطلب دائما أن تكون الأصول ثابتة وراسية من تحتها، والتطور الطبي الذي يتجه بدوره إلى الاتجاه الإنساني الحقيقي الذي ينشأ من سلالة متصلة بالماضي وينفتح على الحاضر، ويسعى دائمًا إلى التطور في المستقبل .


الخاتمة:

 

حتى تكون الطريقة التربوية ناجحة لا بد أن تكون مثقفة مع علم النفس، ورغم أهمية علم النفس بالنسبة للمربي، فإنه ليس واجبا عليه الإسهام في هذا العلم بقدر إحاطته بالحقائق التي يكشفها عن الطفل، فهو وسيلته لعمل تربوي متقن ليس أكثر ونستخلص مما سبق أن التربيه وعلومها لم تعد تهتم بما هو نظري بقدر ما اختارت الوِجهة التطبيقية الخادمة للعملية التعليمية بجميع أبعادها ومكوناتها… لأن المجتمع في حاجة إلى هذه العلوم بحكم تعقد الحياة اليوم. قناعتها أن قيمة التربية تتحدد فيما تسديه للإنسان من خدمات تنفعه في حياته اليومية، خاصة السعي نحو الرفع من كفاءات المعلم في الممارسات المهنية التي يؤديها ويمارسها في الفصل الدراسي. دراسة حركة الفكر التربوي تساعد في رصد تطوراته في الرؤيّة المتبصِّره والواقعيّة لعمليّات التحديث، حيث تعتبر عمليّات التحديث التربويّة محاولة لـ (عنصرة النظام التربوي)، وذلك عن طريق إدخال تقنيّات ووسائل تربويّة حديثة، لتطبيق فكر تربوي سليم، ويتم هذا الأمر بالسعي للوصول لغاياتٍ بعيدة، لمجاراة روح العصر في ضوءٍ من الواقع الإجتماعي، والإمكانيّات البشريّة والماديّة والفنيّة السائدة في المجتمع والقيم الأخلاقيّة.وتسهم دراسة الفكر التربوي في معرفة ما يحويه هذا التراث من مخلّفات الإنسان وموروثاته الفكريّه، ونشاطاته المتوارثة أو المكتسبة يتوارثها الأفراد، بشكل يساعد في استلهام واكتساب خبرات يتم بها مواجهة مشاكل المجتمع في أي وقت. وتظهر الدراسات قله فعالية الإنتاج الفكري في المجال التربوي، بسبب عدم تعرّض هذا الفكر لعمليّات حقيقيّة وصادقة في النقد والتحليل.                                           .

  • موضوعات تهمك فى حياتك الأسرية

إتيكيت العلاقة الحميمة بين الزوجين             من هنا 👇

دور الزوج فى العلاقة الحميمة                   من هنا 👇

دور الزوجة فى العلاقة الحميمة                 من هنا 👇

ماذا بعد انتهاء اللقاء الجنسي بين الزوجين      من هنا 👇


المصادر:

(1)   د.السيد عبد القادر شريف:تاريخ تربية الطفل, جامعة القاهرة ,2018

(2)   محمد منیر مرسى: تاریخ التربیة فى الشرق والغرب، القاھرة، عالم الكتب، 1993

(3)   مصطفى امین: تاریخ التربیة، ط. ۱، دار المعارف، القاھرة 1986

(4)   محمد منیر مرسى: الاصلاح والتجدید التربوى فى العصر الحدیث، القاھرة، عالم الكتب، 1996

(5)   محمود عبد الرازق شفشق، منیر عطا لله سلیمان: تاریخ التربیة، القاھرة، دار النھضة العربیة، 1968

(6)   وھیب سمعان: التربیة والثقافة فى العصور القدیمة، القاھرة، دار المعارف، 1988

(7)   محمود عبد الرازق شفشق، ومنیر عطا لله سلیمان: تاریخ التربیة، ط ٦، دار القلم، الكویت، 1988



هل اعجبك الموضوع :
author-img
عروض تسويقية خدمات وعروض السعودية اول باول خدمات وخبرات هندسية وكل مايخص التعليم الهندسى واستشارات هندسيه

تعليقات